القاهرة - مباشر: قال محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي في مصر، إن فلسفة القانون المقدم من الحكومة لتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء، لا تركز على تغليظ العقوبة بحد ذاتها، بل على حماية المواطنين الملتزمين من الفاقد الناتج عن سرقات التيار الكهربائي.
جاء ذلك خلال حضوره الجلسة العامة لمجلس الشيوخ اليوم، الأحد، برئاسة المستشار عصام فريد، التي شهدت الموافقة على مشروع القانون المقدم من الحكومة لتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء الصادر بالقانون رقم 87 لسنة 2015، والمحَال من مجلس النواب، وأصبح من المقرر إرسال رأي المجلس إلى النواب لاستكمال مسار التشريع.
وخلال الجلسة أشار الوزير إلى أن نظام التصالح في القانون يحقق التعويض عن الاستهلاك دون وجه حق، وفق النهج الجنائي الحديث الذي يوازن بين العدالة وحماية المال العام، دون تحميل المواطنين أعباء الآخرين.
وأكد أن الدولة أنفقت خلال السنوات الماضية مليارات الجنيهات لتطوير البنية التحتية للكهرباء، وأن تقليل الفاقد يحمي ميزانية الدولة ويضمن استمرارية الخدمة، مشيراً إلى أن الاحتكار في الخدمة قانوني وموجه لمصلحة المواطن وليس لتحقيق منافع خاصة.
ويأتي هذا القانون في إطار جهود الدولة لتعزيز استدامة المرفق الحيوي للكهرباء، وحماية حقوق المواطنين الملتزمين، وتقليل الفاقد الناتج عن التوصيلات غير القانونية أو سرقات التيار الكهربائي.
عقوبات جديدة لسرقة الكهرباء
وتضمن مشروع القانون إعادة بناء الإطار العقابي المنصوص عليه في المادتين 70 و71، بحيث شددت العقوبات على جرائم الاستيلاء بغير حق على التيار الكهربائي، وجرائم التوصيل المخالف أو الامتناع المتعمد عن تقديم الخدمة من العاملين بالقطاع.
كما استحدث المشروع ظروفاً مشددة للعقوبة في حالات التدخل العمدي في المعدات أو الأجهزة الخاصة بإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء، أو إذا ارتبطت الجريمة بإتلاف المنشآت، ما يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي، لتصل العقوبة في هذه الحالة إلى السجن.
وركزت اللجنة المشتركة على وضوح النصوص وانضباط نطاق التجريم والالتزام الصارم بالمبادئ الدستورية للعدالة الجنائية، بما في ذلك مبدأ شخصية العقوبة وتناسبها مع حجم الضرر.
ففي المادة 70، فصلت اللجنة بين جريمة التوصيل المخالف وجريمة الامتناع عن الإبلاغ، باعتبارهما جريمتين مستقلتين تختلفان في الأركان والآثار، مع قصر إلزام رد مثلي قيمة الاستهلاك على من ارتكب فعل التوصيل المخالف فقط، إضافة إلى إلزام المحكوم عليه بسداد نفقات إعادة الشيء إلى أصله، حفاظًا على المال العام ومنع تحميل المرفق أعباء إضافية.
أما المادة 71، فقد خففت اللجنة الحد الأدنى للغرامة من 100 ألف جنيه إلى 50 ألف جنيه، لضمان التناسب في العقوبة، مع مضاعفة العقوبة في حالة العود، مؤكدة أن الردع لا يتحقق فقط بتغليظ العقوبة، بل من خلال وضع جزاء رادع ومعقول يتيح للقاضي تفريد العقوبة وفق ظروف كل حالة، بما يتسق مع أحكام المحكمة الدستورية العليا.
كما أعادت اللجنة صياغة النص المتعلق بالتدخل العمدي في المعدات الكهربائية، وحذفت الإحالة المباشرة إلى “الضوابط الفنية” من متن التجريم لتجنب أي لبس، مع النص صراحة على أن اللائحة التنفيذية تتولى حصر الصور والأنماط الفنية للتدخل العمدي دون المساس بأركان الجريمة.
واستحدث القانون مادة جديدة برقم 71 مكرر لتنظيم نظام متدرج للتصالح في بعض الجرائم، بهدف تشجيع سداد المستحقات ودعم استدامة المرفق وإنهاء النزاعات الجنائية بما يحقق العدالة الناجزة، مع مضاعفة مقابل التصالح في حالة العود.
ووفقًا لما أقره المجلس، يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، وتُضاعف العقوبة في حالة العود.
كما تكون العقوبة الحبس لمدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تزيد على مليوني جنيه إذا وقع التدخل العمدي في تشغيل المعدات أو ارتباط الجريمة بانقطاع التيار الكهربائي.
وفي جميع الحالات، تلتزم المحكمة بإلزام المحكوم عليه برد مثلي قيمة الاستهلاك المستولى عليه، فضلاً عن نفقات إعادة الشيء إلى أصله.
وفيما يخص الصلح، نصت المادة 71 مكرر على إمكانية الصلح وفق قانون الإجراءات الجنائية في الحالات المنصوص عليها بالمادة 70، بحيث يتم سداد مثلي القيمة في حال التصالح قبل الإحالة للنيابة، وثلاثة أمثال القيمة إذا تمت الإحالة، وأربعة أمثال القيمة إذا صدر حكم بات.
ويهدف هذا النظام إلى حماية المواطن الملتزم، وتقليل النزاعات القانونية، وتشجيع الالتزام، دون تحميل المرفق أعباء إضافية أو فرض عقوبات مبالغ فيها.
وأكد المستشار عصام فريد، رئيس مجلس الشيوخ، خلال الجلسة العامة، أن التعاون البناء بين المجلس والحكومة ليس ترفاً سياسياً بل ركيزة أساسية لنجاح العملية التشريعية، مشددًا على أن المجلس يعمل على إصدار تشريعات منضبطة تحقق الصالح العام، مع مراعاة المبدأ الدستوري للعدالة والتناسب، وتعزيز جودة الصياغة القانونية.
وأوضح أن آليات المجلس تشمل مراجعة مشروعات القوانين لضمان الاتساق بين أحكامها وإزالة أي غموض، بما يجعل مجلس الشيوخ داعماً حقيقياً لمسار التشريعات الوطنية.